تعلو الأصوات التي تنادي بالحرية والديمقراطية في وقتنا، وترفض الاستبداد والظلم؛ فما هو معني الحرية؟ وهل تقف الأديان ضد الحرية؟ هل يأمرنا الدين أن نسكت على الظلم ؟ أم نقف في وجه الظلم ونقاومه؟ وهذا الكتاب (الإسلام والاستبداد السياسي ) للشيخ (الغزالي ) من أخطر الكتب التي تكلمت عن الاستبداد السياسي، دراسة واقعية جريئة اعتمدت على الأدلة الشرعية والتاريخ، وقوة هذا الكتاب في جرأته؛ حيث يوجّه صفعة شديدة للطغيان، في وقت كان فيه السجن هو جزاء أصحاب الأقلام الحرة.
أول هذه الخصائص هي كبرياء الحكام وتعاليهم على رعيتهم، ويزيد هذا الكِبْرُ حتى يتحول إلى جبروت، وهم بذلك ينافسون الله – سبحانه وتعالى – في صفة من صفاته، ولا يتهاون الله – سبحانه وتعالى – فيمن ينافسه في هذه الصفة؛ فقد جاء في الحديث عن الله – عز وجل –: "الكبرياء ردائي، والعز إزاري؛ فمن نازعني شيئًا منهما عذبته ". وما أكثر حكام الشرق الذين نازعوا الله – عز وجل – هذه الصفات، ويتدرج الكِبْرُ؛ فيبدأ في أمر صغير ثم يتطور بعد ذلك. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ".
وثاني هذه الخصائص: الرياء بين السادة والأتباع؛ فحيث يوجد السادة المستكبِرون يوجد الأتباع المراءون ؛ فطبيعة المستضعَفين أنهم يسعون إلى رضا رؤسائهم، حتى ولو داسوا على مقدَّسات الأديان والأخلاق، والحاكم المستبد يفرح بذلك، وأنماط الرياء مختلفة؛ فقد يكون الرياء من الصغار للكبار ابتغاء عرض الدنيا، وقد يكون من الكبار للصغار من أجل اكتساب قلوب الأتباع، وهذا على عكس ما يأمر به الإسلام؛ فليس من حق الحاكم في الإسلام أن يستعلي، وإنما يؤدى عملًا موكولا به، وكذلك المحكوم المسلم ليس تابعًا ليرائي، بل ليُعِين على الخير، ومن هنا جاء قول (عمر ): "إن أحسنتُ فأعينوني، وإن أسأتُ فقوّموني "، فقال له رجل من آخر المسجد: لو رأينا فيك اعوجاجًا لقوَّمناك بسيوفنا؛ فاستراح (عمر ) لذلك. هكذا يكون حال الحاكم والمحكوم في الإسلام.
وثالث هذه الخصائص هو التبذير من أموال الشعب؛ فالإنفاق الكثير على شخص الفرد الحاكم، وعلى أقاربه، هي صفة المستبدين؛ فهم يهتمون فقط بشهواتهم وبطونهم، أما مصالح الأمة فلا وزن لها؛ فالاستبداد السياسي لا يهتم من أين يأخذ المال ولا أين يضعه، وهذه الخصائص تجعل الحاكم جبارًا لا دين له.
بُعِث الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى الناس وفيهم خوف من الملوك؛ فلما جاءه أحد الأعراب وكان خائفًا من النبي؛ قال له الرسول – صلى الله عليه وسلم-: "هوِّن عليك؛ إني لست بملك، أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد ". فهذا خير البشر لم يستكبر على الناس، بل وانتسب لأمه؛ فالنبي – صلى الله عليه وسلم أراد أن يُغَيِّرَ ما استقرّ في أذهان الناس من أن الملوك ليسوا من عباد الله المألوفين؛ فأراد أن يَعْرفه الناس على أنه بشر مثلهم.
وجاء الخلفاء الراشدون فساروا على منهجه – صلى الله عليه وسلم –؛ فهذا (أبو بكر ) بعدما تولى الخلافة يقول: "أما بعد، فإني قد وُلِّيت عليكم ولست بخيركم؛ فإن رأيتموني على حق فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فسددوني، أطيعوني ما أطعت الله فيكم؛ فإذا عصيته فلا طاعة لي عليكم، ألا إن أقواكم عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه ، وأضعفكم عندي قوي حتى آخذ الحق له "، وهذا الفاروق (عمر ) يقول: "اعلموا أن شدتي التي كنتم ترونها، ازدادت أضعافًا على الظالم والمعتدي، والأخذ لضعيف المؤمنين من قويهم، فاتقوا الله وأعينوني على نفسي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "؛ فهذا هو وضع الحاكم المسلم في الدولة المسلمة.
وقد وضع النبي – صلى الله عليه وسلم – القاعدة لموقف الحاكم من المال العام في قوله: "لا يحل لي من مغانمكم هذه إلا الخُمْس، والخمس مردود فيكم ". وقد كان ( عمر ) يرى نفسه على أموال المسلمين كولي اليتيم، إن احتاج أخذ قدر حاجته، وإن استغنى استَعَفَّ. قال – تعالى –: "ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف ". هذا كان نهج النبي – صلى الله عليه وسلم – وصحابته من بعده، على عكس ما فعله - ويفعله – الحكام اليوم من استغلال أموال الناس، لا يمنعهم دينٌ، ولا خوفٌ من الله – عز وجل –.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان